السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه الطيبين المنتجبين
ليتني عصفور....
لماذا أيها العصفور، لماذا أنت مسرور ونحن في كدر وهموم،
ليتني كمثل باقي الطيور، أحلق في السماء ..
و أقفز بين الغصون، أغرد فوقها في شجون، أنقر ثمارها
اليانعة، وأعود لأنام في هدوء.
أتدري أيها العصفورأن أعدائي هنا كثيرون
، وأن العقبات
أمامي دائماً حيث تمر السنون؟
أكافح و أجاهد لأتخطى الصعاب، و أقاوم حتى لا أكون
مغلوباً.
أخبرني عن سرك أيها العصفور، فإني في شوق
لمعرفة سرك
المكنون، متى الراحة وكيف الخلاص
يا أجمل الطيور.
يلتفت إلي بعطف وحنان، ويجيبني بصوته الساحر
الفتان:
مسكين أنت أيها الإنسان، ألديك عقل ولا تدري
ما سر هذا الاطمئنان؟
انظر حولك في هذا الكون الواسع، انظر إلى سحب
السماء، وهناك حيث الماء،
عذباً يجري، بارداً يروي، ..
شاهد جمال الشجر وتأمل النجوم في السحر
، تأمل الإبداع وحسن المنظر.
ثم عد وانظر مرة أخرى، لديك عينان وأذنان،
يدان ورجلان، ولديك أيضاً قوة لسان.
وارجع لتتأمل، لديك أب وأم وإخوان. وانظرأكثر،
أنت تأكل وتشرب وتنام.
ألديك كل هذه النعم ولا تشعر بالأمان؟
وهل تظن أنه ليس أمامي أنا أيضاً تحديات
؟ ألست أستيقظ
صباحاً لأبحث عن رزقي والماء؟؟؟
ألا أبذل جهداً لأجد مكاناً أبني فيه عشي؟ ثم أجمع قشة قشة
ذهاباً و إياباً؟
ألست أكافح من أجل أن أطعم صغاري و أحميهم؟
ألا ترى الطيور الجارحة لي أعداء؟
ألا أخبرك عن سر راحتي أيها الإنسان؟
ألا تسمع صوتي و أنا أتنقل من مكان إلى مكان؟
ألم تدرك أن هذا التغريد هو تسبيح وشكر لربك المنان؟
نعم أيها الإنسان، إنني أسبح للخالق وأذكره
في كل مكان
، أكافح وأقاوم تماماً كما تكافح أنت،
ولكن ذكر الله لايفارقني، ..
أؤمن أننا نحن الخلق لا نملك إلا بذل الأسباب، وخالقنا
وحده هو من يرزقنا التوفيق والنجاح،
وما دمت أبذل الأسباب، فأنا مسلم أمري إلى الله،
فهو من يلطف ويرأف بنا ويرحمنا.
لا تقلق ما دمت تؤمن وتقول لا إله إلا الله
امسح عنك الضيق والكدر، تحلى بالقوة والإرادة
لا تخف ولا تجبن، اشحن طاقاتك بذكر خالقك، وسبحه
بالغدو والآصال،
اذكره في جوف
الليل بعيداً عن الضوضاء، ولا تحزن،
امضِ في طريقك ، وكن مع الله
ترى الله معك.
أنا ممتن لك أيها العصفور، شكراً لك،
وما أنت إلا نعمة من الله تعالى كباقي النعم،
حمداً لله، و أزلت غماً من قلبي،
لا راحة إلا بذكر الله،
(ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
والسعادة الحقيقية لن تكون إلا لمن عمل صالحاً،
والراحة
الأبدية هي في الجنة بعد الممات.
وبعد هذه اللحظات،
شعرت أن شحنة جديدة من الطاقة تسري في جسدي،
ووقفت شامخاً قوياً، لأكمل مشوار الحياة