اختيار الوقت والمكان المناسبين يبعد الضرر
خلافات الآباء أمام الأبناء شرارة العدوانية والضياع
طبيعية هي الخلافات الزوجية داخل المنزل اذا جاءت بطريقة تراعي حدود الاحترام بين الزوجين شريطة أن لا تكون أمام الأبناء فحين تكون كذلك فهي تخرج عن سياقها الطبيعي وتصبح مشكلة تؤثر سلبياً على الأبناء.. وتتباين تأثيرات تلك الخلافات على الأبناء فتجد من تضعف شخصيته ويصاب بأمراض نفسية ينعزل من خلالها هروباً من المشاكل التي يراها، وتجد آخرين يتخوفون من تطور خلافات الزوجين والوصول الى الطلاق وتفكك الأسرة، وبالتأكيد كل هذه الجوانب تنعكس على تعاملاتهم مع الآخرين بالاضافة الى تدني مستوى تحصيلهم الدراسي، ولذا يشدد المختصون النفسيون والاجتماعيون على التزام الزوجين بآداب النقاش والحوار أثناء نشوء اختلاف بينهما واختيار مكان بعيد عن مرأي ومسمع من الابناء مع الحرص على عدم رفع الأصوات أو الضرب واستخدام العنف.
التحصيل الدراسي
تقول سمية الخالدي (42 عاماً): تقع بيني وبين زوجي خلافات وغالباً ما تكون انتقادية لطرق تربية الأبناء ودراستهم وهذا أمر مقبول ولكنه أحيانا يوجه الكلام بطريقة فظة وصوت مرتفع وحين ارى عيون ابنائي اشاهد فيها توترا وخوفا، وكنت اوضح له ذلك بعيداً عن الأبناء ولكن دون جدوى حتى جاءت الينا ورقة من معلمة تقوم على تدريس احدى البنات تؤكد من خلالها انطوائية ابنتي حينها أخذت الورقة وسلمتها لزوجي وتأمل فيها قليلاً وحدث نقاش بيني وبينه عن اسباب ذلك وتوصلنا الى الابتعاد عن الخلافات أمام الابناء بعد ذلك تابعنا حالة البنت في المدرسة وافادتنا المعلمة ان حالتها تبدلت ولم تعد انطوائية.
انعكاسات سلبية
وترى نهاد محمد (36 عاماً) أنه لن يتفق الزوجان على كافة الأمور المتعلقة بالاسرة وسيحدث خلافات دون أدنى شك ولكن يجب أن لا تصل اجواء الخلافات الى خلق مشاحنات وتوترات حادة تلقي بظلالها على الأبناء ولا تصل الى حل بينما لو تم اختيار مكان مناسب لعرض الخلاف ومناقشته بطريقة هادئة فان ذلك يؤدي الى الوصول لنتائج أفضل ويقي الأبناء من أي تفاعلات وانعكاسات سلبية، وتضيف: يجب أن يكون التعامل مع الأبناء بطريقة تتناسب مع حجم تفكيرهم وبراءتهم والتي لا تستوعب حدوث مشاجرات بين أمهم وأبيهم اللذين يعتبران قدوتهما في الحياة.
أيام الاجازة
ويقول ناصر الدوسري (45 عاماً) إنه بامكان الزوجين مواجهة كافة الضغوط الاسرية وتجنب حدوث خلافات ومشاجرات من خلال الاتفاق فيما بينهما على دراسة كل مشكلة تقع والتعرف على أسباب حدوث المشكلات سواء بينهما او بين الأبناء وبعد التشخيص يجتمعان في مكان بعيد عن الأبناء ويعرضان المشاكل وليكن ذلك مع نهاية كل أسبوع في ايام الاجازة ثم يقدمان الحلول المناسبة بدلاً من ترك الامور تسير دون تقييد لتصل الى مراحل متطورة من الخلاف، ويضيف: بعد الخلوص الى النتائج والحلول يخصص للابناء جانب منها ويتم اشراكهم في تبادل الاراء لخلق جو اسري مترابط يقف أمام كل الازمات ويصنع من الاطفال رجالاً ونساء قادرين على تحمل اعباء الحياة.
العبارات المناسبة
وتضيف منى حسين (33 عاماً) أنه في حال احتدام النقاش وتطور المشكلة يجب على أحد الزوجين المبادرة بالتراجع والابتعاد عن الآخر بالتوجه الى أي مكان آخر يشعر بالراحة فيه، كذلك يجب اختيار العبارات المناسبة خلال النقاش والاختلاف وعدم التطرق لأي ألفاظ جارحة او خارجة عن الأدب بالاضافة الى اختيار وقت مناسب لمناقشة المشكلات مع اختيار الظروف المناسبة باعتبار أن هناك ظروفا لا تحتمل وجود نقشات حادة وأصوات مرتفعة كوجود الاسرة على مائدة الطعام او فترات مذاكرة الأبناء لدروسهم لان وقوع المشكلة في مثل هذه الظروف يزيد من حجم المشكلة وانعاكستها السلبية.
اخصائي اجتماعي
من جهته يشير محمد زيد (أخصائي اجتماعي) الى أنه عندما تضطرب علاقة الوالدين وتظهر أمام الأبناء فالسمات الشخصية تنعكس على نفوس وسلوك أبنائهم، حيث إن وقوع خلافات بينهما لا يؤثر سلبا على الزوجين فقط بل تمتد التأثيرات السلبية الى جوانب أخرى تطال الأبناء وسلوكياتهم، وكلما استمرت الخلافات أمام الأبناء فان ذلك يزيد من صعوبة الوضع ويجعل محاولة اقناع الابن أو البنت بأن أوضاع الأسرة مستقرة وأمهم وأبيهم متفقان ويعملان على تأمين المستقبل لهم أمرا صعبا، بل سينطبع لدى الأبناء شعور بالخوف من المستقبل في ظل عدم اتفاق الاساس المتمثل بالوالد والوالدة ووجود خلافات مستمرة، وهذا الجانب بالتأكيد سيتعدى إلى أن تتجه سلوكيات الأبناء الى العدوانية والتحاور بطريقة الوالدين أثناء الخلافات التي وقعت أمامهم ويتعاملون بها فيما بينهم ومع الاخرين.